النحل والعسل في القرآن الكريم

النحل والعسل في القرآن الكريم

تفسير النص القرآني

(وأوحى) المراد بالوحي هنا الإلهام والهداية والإرشاد للنحل أن تتخذ من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون لتأوي إليها. (اتخذي) تشير هذه الجملة من النص القرآني إلى حقيقة علمية أنها تخاطب النحل بصيغة التأنيث وقد دلتنا الدراسات العلمية أن خلية النحل جميعها نتاج الملكة الأنثى التي تتربع على عرش الخلية، العدد الأكبر مما تبيضه الملكة هو من الإناث الشغالة وبعض ما تبيضه من الإناث ملكات أما عدد الذكور فيها فهو ضئيل جدًا إذا ما قورن بعدد الإناث، ومن جهة أخرى … فإن دور الذكور أيضا في مملكة النحل محدود للغاية فهو قاصر على تلقيح الملكة فإذا تم ذلك تهلك جميع الذكور ولا يبقى إلا الاناث وهى الملكة والشغالات والشغالة هي التي تقوم بالأعمال كافة في مملكة النحل…

ومن هنا تتبين لنا دقة التعبير في قوله تعالى: (اتخذي) (ثم كلى من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا) أذن الله تعالى للنحل إذناً قدراً تسخيرياً أن تأكل من كل الثمرات وأن تسلك الطرق التي جعلها الله تعالى مذلة أي مسهلة عليها حيث شاءت فتراها تطير في البراري الشاسعة والأودية والجبال الشاهقة ثم تعود كل واحدة إلى بيتها لا تحيد عنه يمنة ولا يسرة. وقوله (ذللا) أي مذلة ميسرة سهلة. وقوله تعالى: (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس) تأخذ النحلة من الأزهار رحيقها الذي ينتقل إلى فم النحلة عبر خرطومها الطويل الذي يسحب الرحيق خلاله بواسطة الخاصية الشعرية وحركات عضلات البلعوم.

عند عودة الشغالات إلى خليتهن فإنهن يتقابلن مع زميلاتهن اللاتي يقمن بعملية استقبال الرحيق ثم يقمن بتفريغ حمولتهن من الرحيق حيث يحفظ لبعض الوقت ليداً في مرحلة تحول معقدة حتى يتحول في النهاية إلى العسل.

إن النحل الذي يجمع الرحيق من الأزهار يبدأ في تعليق نقطة الرحيق في السقف العلوي للفراغ الموجود داخل قرص العسل. وهذه العملية مثيرة للاهتمام وعلى درجة فائقة من الأهمية حيث أن النقطة المعلقة من الرحيق لها معدل تبخر سريع وبذلك يتبخر الماء بسرعة من الرحيق. ولكي يقوم النحل بعمل كيلوجرام واحد من العسل يجب عليه أن يزور حوالي عشرة ملايين زهرة جيئة وذهابا من الزهرة إلى الخلية. وفي قوله تعالى (شراب مختلف ألوانه) أي ما بين أبيض وأصفر وأحمر وغير ذلك من الألوان الحسنة على اختلاف مراعيها، والألوان ترجع إلى الصبغات النباتية.

وفي تفسير آخر يقصد مختلف ألوانه أي منتجات النحل المختلفة وهي العسل والشمع وحبوب اللقاح والغذاء الملكي والبروبليس وسم النحل. وفي آية أخرى (عذب مختلف ألوانه) فقد يكون المقصود اختلاف الأشكال. وفي قوله تعالى (فيه شفاء للناس) أي في العسل شفاء للناس من بعض الأمراض التي تعرض لهم وتصيبهم، فالشفاء مؤكد بإذن الله أنه علاج أو شفاء، لكن الدواء قد يعالج وقد لا يعالج؛ لكن الله سبحانه وتعالى ذكر أنه (شفاء) كلمة قاطعة. وفي قوله تعالى (إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) أي يعتبرون من العبرة في النحل بإنصاف النظر وألطاف الفكر في عجيب أمرها.

العسل من طيبات الجنة

قال تعالى: (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاريين وأنهار من عسل مصفى) سورة محمد الآية 15,14. في الآية دليل على أن العسل يوجد في الجنة، والجنة ليس فيها إلا الطيب من المأكل والمشرب والملبس، وأنهار الجنة تتشقق من بحورها، وأنهار العسل تجرى من بحر العسل. ففي الحديث عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة بحر الماء وبحر العسل وبحر اللبن وبحر الخمر ثم تشقق الأنهار بعد). رواه أحمد في مسنده والترمذي في سنته.

عن د. إبراهيم العريفي

دكتوراه في علوم الأغذيه والتغذيه - خبير العلاج بالعسل ومنتجات النحل والطب البديل. مشرف على ميزان الصحه للتغذيه العلاجيه و مختبر جودة العسل في الرياض - المملكة العربية السعودية

شاهد أيضاً

العسل في التاريخ والحضارات القديمة

العسل في التاريخ استعمل الإنسان العسل في علاج الأمراض منذ قديم الزمن، وربما قبل تاريخ …

اترك رد

error: يمنع نسخ المحتوى .. يمكنك مشاركة الرابط فقط
%d مدونون معجبون بهذه: